دراسة مفصلة عن التقرير الطبي
التقارير الطبية بمثابة تفسير
وشرح مكتوب بخبرة طبية فنية يقوم بها الخبير بشكل دقيق بناءً طلب السلطة القضائية
أو من يمثلها، وتتعلق بأسباب حادث ما فتبين ظروفه ونتائجه، وهو فى الحقيقة شهادة
طبية مدونة والغاية منه جلاء الحقيقة
المتنازع عليها وهو كبير الأهمية كونه
المستند الرئيسى فى إصدار الأحكام القضائية، ولأنه يعتبر وثيقة رسمية من وثائق
الدعوى.
وتختلف التقارير الطبية عادة
باختلاف كاتبها واختلاف زمن كتابتها من حيث الكاتب فقد يكون محرر التقرير هو طبيب
الاستقبال أو الطبيب الأخصائى، وبذلك يسمى ذلك تقريرا طبيا، أو قد يكون محرر هذا
التقرير هو الطبيب الشرعى، وبذلك يسمى تقرير الطب الشرعى، وعليه يجب أن يتميز
تقرير الطبى الشرعى بالوضوح والموضوعية ويدعم بالبراهين الطبية العضوية والأدلة المادية،
ولا يجوز أن يكون مجرد إبداء رأى دون سند أو حجة.
القانون المصرى لم يترك مسألة
كتابة التقرير الطبى أو الشرعى دون ضوابط ومعايير تحكمه، خاصة أن هناك وجهاَ آخر
لهذه التقارير تتسبب فى حبس العديد من الأشخاص خاصة أن المحاكم تنظر يوميا
طبقا لآخر الإحصائيات ما يقرب من 400 حالة تعدٍ أو ضرب فى الجلسة الواحدة، ويرجع
ذلك نتيجة سهولة الحصول على مثل هذه التقارير الطبية المضروبة.
"اليوم السابع" رصد
ما حددته كل من محكمة النقض والنيابة العامة من شروط منصوص عليها بخصوص جرائم
الجرح والضرب والأسانيد القانونية التى تكشف مدى بطلان تلك التقارير الطبية طبقا
لتعليمات النيابة العامة، بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمد صادق.
المادة 453 من التعليمات
العامة للنيابات تنص على: "يجب أن يبين الطبيب فى التقرير الطبى الذى يقدمه
وصف الإصابة وسببها وتاريخ حدوثها والآلة المستعملة فى إحداثها والمدة اللازمة
لعلاجها، بحيث يمكن معرفة مدى جسامة الإصابة وما إذا كانت مدة علاجها تزيد أو لا
تزيد على عشرين يوما وعلى أعضاء النيابة أن يأمروا باستيفاء ما يكون فى التقارير
الطبية من نقص فى هذا الشأن ليتيسر لهم التصرف فى القضية على أساس واضح سليم".
لما كان التقرير الطبى يعد من
الأوراق الأساسية والرسمية فى جرائم الضرب والجرح وبها يتحدد مدى جسامة الفعل
والعقوبة المقررة لها، لذلك عنى النائب العام فى تعليماته الصادرة لأعضاء النيابة
العامة بأهمية تلك التقرير ووضع شروطا لازمة لصحة تلك التقارير وإن تخلف أحد تلك
الشروط أوجب على وكيل النائب العام استكمالها وهذه الشروط تنحصر فيما يلى:-
1- أن يكون محرر التقرير طبيبا.
2- أن يثبت بالتقرير وصف
الإصابة بأن يبين ما إذا كانت كدمة أو جرح أو كسر أو تهتك فى عضو من أعضاء الجسم،
وعما إذا كانت تعد جرحا قابل للزوال أو أنها تخلف عاهة مستديمة للمجنى عليه.
3- سبب الإصابة سواء كان
باستخدام أداة من عدمه وفى الحالة الأولى بيان نوع الأداة إذا أمكن.
4- أن يبين تاريخ حدوث
الإصابة أى أن يثبت فى تقريره عما إذا كانت الإصابة حديثة أو منذ عدة ساعات أو
قديمة منذ فترة.
5- كما يجب أن يثبت الطبيب
المدة اللازمة للعلاج.
وقد أرست محكمة النقض مبدأ
مهما فى صحة التقارير الطبية وهو ضرورة بيان سبب الإصابة فى التقرير الطبى وإلا
اعتبر هذا التقرير ناقصا فقضت فى الطعن رقم 141 لسنة 44 ق جلسة 3/3/1974 – سنة 25
ص 205: "إذا كانت التقارير الطبية المقدمة فى الدعوى قد خلت من بيان سبب
الإصابة التى نشأت عنها العاهة كما خلا تقرير الطبيب الشرعى النهائى من بيان ما
إذا كانت الإصابة تحدث نتيجة اصطدام يد المجنى عليه بحائط كما جاء بالتقرير الطبى
وكان الحكم المطعون فيه حيث دان الطاعن بإحداث العاهة المستديمة للمجنى عليه".
تبين واقعة الدعوى بما مؤداه
أن نزاعا حدث بينهما حول حياكة ملابس الطاعن تراشقا فيه بالألفاظ فكان أن ضربه
الأخير وأمسك بالإصبع الوسطى بيده اليسرى ولواه وأصيب الإصابة الموصوفة بالتقرير
الطبى الشرعى، والتى تخلف لديه من إجرائها عاهة مستديمة هى انكيلو فى حالة بسط
المفصل السلامى العلوى الوسطى بنتيجة الضيق بالمفصل المذكور وتيبس بالفص السلامى
الظفرى لتيبس الإصبع فى وضع ثنى، مما يقلل من كفائته عن العمل بنسبة عشرة بالمائة.
واستند الحكم فى إدانة الطاعن
إلى أقوال المجنى عليه وشاهده والتقرير الطبى الشرعى الذى اقتصر على بيان الإصابة
ووصف العاهة المستديمة دون أن يبين سبب إحداث هذه الإصابة فإن الحكم لا يكون قد
دلل على قيام رابطة السببية بين فعل الضرب الذى دين به الطاعن والعاهة التى تخلفت
بالمجنى عليه استنادا إلى دليل فنى بما يعبه بالقصور فى وفى البيان.
تعليقات: 0
إرسال تعليق